“الدسّاس” حيّة معروفة عند العرب منذ قديم الزمان، وهي حيّة خبيثة تسكن الصحراء، لها قدرة هائلة على التخفي والتنقل، تندسّ تحت التراب اندساساً فلا يبقى لها أثر، ولا يشعر بها قريب ولا بعيد، ولذلك سمّوها الدساس، وقد زعم الجاحظ قبل اثني عشر قرناً في كتاب الحيوان نقلاً عن أرسطو “أنّ الدسّاس تلد ولا تبيض، وأنّ أنثى النمور لا تضع نمراً قطّ إلا ومعه أفعى” !
وكذلك تفعل “القاعدة” تلد ولا تبيض، وقد ولدت للسوريين في الشام هرماساً يُدعى أبا الفرج المصري ومعه الدسّاس الجولاني.
وللدساس سلختان في العام كما زعم الجاحظ، “تسلخ جلودها في أول الربيع عند خروجها من أعشّتها وفي أول الخريف، ويبتدئ السلخ من ناحية عيونها أولاً فيَظُنُّ بعضُ من يعاينها أنها عمياء، وهي تنسلخ في يوم وليلة من الرأس إلى الذنَب، ويصير داخل الجلد هو الخارج كما ينسلخ الجنين من المشيمة”
[كتاب الحيوان للجاحظ 4/222]
“وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا”
أبو علي الأنباري أستاذُ الجولاني وشيخُه القديم وصف تلميذه الدساس بقوله:
“شخص ماكر، ذو وجهين، يُحبّ نفسَه ولا يبالي بدين جنوده، وهو على استعداد لأن يضحّي بدمائهم ليُحقّق له ذكراً في الإعلام، يطير فَرَحاً كالأطفال إذا ذُكر اسمه على الفضائيات”
[رسالة الأنباري إلى أبي بكر البغدادي، مجلة النبأ ، العدد 43]
ومن هنا يعلم السوريّون لماذا وقع اختيار شرارُ المصريين على الجولاني؟ ولماذا رضي به الظواهري؟
لقد بدأت اللعبة الخبيثة بانسلاخ الدساس من جبهة النصرة في خريف المؤامرات بعد انسلاخه الأول من داعش في ربيع الثورات، كما بدأت لعبة التخفّي تحت التراب بين الفصائل فترقّبوا قفزة الدساسين عاجلاً أم آجلا.