مشكلة مثلث حلايب وشلاتين – بإيجاز – بدأت بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود الإدارية سنة 1899م أيام الاستعمار البريطاني وفيها رُسم الحد الفاصل بالمسطرة المستقيمة على خط العرض 22° للفصل الإداري بين مصر والسودان، والإخوة هنالك يقولون إنّ الخط المستقيم لم يأخذ بالاعتبار طبيعة الانتشار الديمغرافي، ثم قامت بريطانيا بتصحيح “الغلطة” بعد الشكوى السودانية فأعادت ترسيم الخريطة سنة 1902م وأعيد المثلث إلى الإدارة السودانية ثم انصرف الإنجليز كالعادة وخلّفوا وراءَهم خدشاً في علاقة المصرية السودانية !
ذلك النزاع القديم كان ولم يزل مجالاً للألاعيب والمكايدات السياسية بين الطرفين لكن في حدود المعقول والمقبول لأنّ الرابطة بين الشعبين أعلى وأجل من ذلك المثلث، واستمر الأمر على ذلك حتى جاء عصر الترابي فصعّد في المكايدة إلى درجة اللا معقول واللا مقبول بعد أن تورّط في دعم الجماعات الإرهابية المعادية لمصر كجماعة الجهاد والجماعة الإسلامية المصرية المتورطة في محاولة اغتيال الرئيس المصري سنة 1995 في أديس أبابا وكان السودان غرفة عمليات تلك الطعنة الغادرة.
يا أهل السودان إنّ الشتائم البذيئة التي تصدر عن بعض الإعلاميين المصريين أمر نرفضه ونبرأ إلى الله منه لكن الحقيقة أن الفتنة – يا أهلنا – لم تبدأ بزيارة الأميرة القطرية أو التصعيد الإعلامي، كما لم تبدأ بقرار الملك فؤاد أو الغلطة البريطانية أو الألاعيب التقليدية !
الجرح الغائر، والفتنة العميقة بدأت بغدرة حسن الترابي زعيم الحركة الإسلامية السودانية وبمثل تلك الغدرة قامت الحرب العالمية الأولى.
الترابي هو الذي خربها ! مَزّقَ خيوطَ الثقة، وقطّع حِبال الوِدّ، فانظروا من أين يبدأ إصلاح ذات البَيْن، لا تقولوا حلايب ولا شلاتين.