قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إذا جاءكم المصدّق فلا يفارقنكم إلا عن رضا”
قال الإمام الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب الزهري:
“أنّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما لم يكونا يأخذان الصدقة مُثَنّاةً، ولكن يبعثان عليها في الجدب والخِصْبِ، والسِّمَن والعجف [ولا يُضمّنونهَا أهلها، ولا يؤخّرون أخذها عن كلّ عام] لأنّ أخذها في كلّ عام من رسول الله صلى الله عليه وسلم سُنّة”
[رواه الإمام الشافعي ومن طريقه البيهقي في السنن]
وقال ابن المنذر في “الإجماع”:
“أجمعوا على أنّ المال إذا حال عليه الحول أنّ الزكاة تجب فيه”
[ كتاب الإجماع لابن المنذر ص 49]
والمراد بحولان حَوْل الأموال بالإجماع أي:
“ما أتمّ عاماً كاملاً قمريّاً متصلاً عند مالكها الحُرّ البالغ العاقل المسلم”
[الإجماع لابن حزم الأندلسي ص 34]
إذا حال الحول وجبت ضريبة الزكاة، تلك هي الشريعة الإسلامية التي سنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان الإمامُ رئيسُ الدولة يبعث “المُصدِّقين” في كل عام، و”المصدّقون” كان لقب السُّعاة من السلطة التنفيذية المكلّفة بجباية الزكاة، فلما كان عام الرمادة ألغى سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه العمل بقوانين الزكاة ومنع تحرّك السلطة التنفيذية إلى خارج المدينة المنورة لجباية الزكاة كما روى الإمام أبو عُبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال بإسناده عن الحارث بن أبي ذباب الدوسي وكان أحد المُصدّقين من عمّال عمر قال رضي الله عنه:
“إنّ عمر أخّر الصدقة عام الرمادة، قال فلما أحيا الناسُ بعثني فقال اعقل عليهم عقالين، فاقسم فيهم عقالاً وائتني بالآخر”
[ورواه ابن زنجوية في الأموال والبيهقي وغيره، وروى ابن سعد في الطبقات نحوه بمعناه من طرق أخرى]
مفاده أنّ أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أجاز تعطيل العمل بقوانين الشريعة الإسلامية المتعلقة بفريضة الزكاة في ظرف زمني لظرف حالي استثنائي، إذ منع السعاة من الخروج لتحصيل ضريبة الزكاة من المُلّاك الأغنياء وقد وجبت وحال عليها الحول.
فتدبّر وتأمّل لماذا عطّل عمر بن الخطاب العمل بتلك الشريعة الإسلامية ؟؟؟
وقبل أن تتفكّر تذكّر أنّ المقرّر المجمع عليه عند الفقهاء أنّ الزكاة لا تجب على البائس الفقير أصلاً، لا في الجدب ولا في الخِصب، وإنما تؤخذ من المالك الحرّ الغني في الجدب والخِصْبِ، والسِّمَن والعجف إذا بلغ ماله النصاب المحدود بقوانين الشريعة الإسلامية.