الدقامسة قتل الإسرائيليات غدراً

كان الغدر أعظم خطيئة عند العرب قبل الإسلام، كان عربي الأصيل الشريف في الجاهلية إذا عاهد على الصلح يمر بقاتل أبيه فلا يمدّ إليه يدَه، فلما جاء الإسلام تمّم مكارم الأخلاق فعظّم وِزْرَ الغدر وجعله من كبائر الإثم، وأنزل اللهُ في وجوب الوفاء بالعقود والعهود وتحريم الخيانة والغدر آياتٍ مُحكمات، والله يُعظّم من أمره ما يشاء.

قال التابعي قتادة السدوسي:

“عظّموا ما عظم الله ، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل”

الغادر خائس وإن كان المغدور مشركاً من عبدة الأوثان، وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم قوماً سمّاهم القرآن الكريم: “أئمة الكفر” كذبوه وعذّبوه وضربوه وطردوه من بلاده ونهبوا أمواله ودياره، وقتلوا خيرة أصحابه فلما عُرض عليه أمرٌ في مدّة الصلح لا دمَ فيه ولا قتل، أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخيس بعهده فقال :

“إني لا أخيس بالعهد”

[رواه أبو داود]


هذا هو الإسلام وتلك هي مكارم الأخلاق !

الغادر خائن وإن كان المغدور من شرار اليهود، كبني قينقاع الذين أخافوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وكان بينه وبينهم عهد، فأبى الله على رسوله أن يسير إليهم قبل أنْ يُمْهلهم، وينبذ إليهم عهدهم حتى يكون عِلْمُهُ وعِلْمُهم بانتهاء الصلح سواء، فأنزل سبحانه وتعالى :

“وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ”

علّموا أبناءَكم هذه الآية، وعلّموهم ما قاله الإمام الطبري في تفسيره :”إن الله لا يحب الخائنين” أي الغادرين بمن كان منه في أمان وعهد بينه وبينه أن يغدر به فيحاربه، قبل إعلامه إياه أنه له حرب، وأنه قد فاسخه العقد”.

وما قاله الحافظ ابن كثير: “إن الله لا يحب الخائنين” أي حتى ولو في حق الكافرين، لا يحبها أيضاً” اهـ.

الغادر إرهابي فاجر وإن كان المغدور من الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله والمسجد الحرام، ولذلك أخلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيلَ المشركين بعد أن أظفره الله عليهم في حادثة ابن زنيم الذي اغتيل بعد ابرام صلح الحديبية، فقال صلى الله عليه وسلم:

“دعوهم يكُنْ لهم بَدْءُ الفجور وثناه”

[رواه مسلم]

المرجلة ليست في الخَيْس وقتل الفتيات في ساعة صلح … المرجلة في البروز إلى الأعداء في ساعة الحرب، وفينك يا حميدان يوم الميدان، حين هَوَت مدينة القدس.

نسخة للطبع نسخة للطبع