مسلسل الفتاوى الغبية – بالطبع – لم يتوقّف منذ ورود المعارف والصناعات الحديثة القادمة من أوربا واليابان وغيرها من الدول المتقدّمة إلى جزيرة العرب في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين …
الأمثلة كثيرة جداً … مع كل اختراع جديد فضيحة جديدة
ففي أواخر القرن التاسع عشر أدخلت إلى نجد أول ساعة دقاقة لضبط الزمن وتحديد الأوقات فاستحسنها بعضُ المشايخ لما فيها من نفع ومصلحة في ضبط أوقات الصلوات إذا غمَّ السحابُ الشمسَ ، وبعد أن تبيّن بالتجربة أنّ في تلك الآلة المستوردة من بلاد الكفّار صلاح الدين والدنيا ….
قامت قيامة المتعصّبين من الإخوان وقالوا : هذه الآلة الأجنبية من عمل الشيطان ، وأعلنوا عليها الجهاد فقاموا بتكسرها …
أيعقل أن يقوم المتديّنون بتكسير أول ساعة دقّاقة في نجد ؟
استمر ذلك الاعتقاد الغبي لعقود من الزمن حتى قام الشيخ ابن سحمان من علماء نجد بتأليف رسالة في إباحة استعمال آلة الساعة الدقاقة سنة 1916 م وقد طبعت في مصر سنة 1923م
وكان الملك عبد العزيز قد سعى لإصلاح النظام الصحي ، فأدخل النظم الحديثة في العلاج والاستشفاء ، وكان طاعون الجدري في العهد القديم يفتك بالأمم الإنسانية ، فأدخل الملك عبد العزيز إلى جزيرة العرب نظام التطعيم ضد طاعون الجدري عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” ما أنزل الله داءً إلا أنزل له دواءً ، فتداووا عبادَ الله ” ، فعارضه المتعصّبون بالفتاوى الغبية ممن أفتى بحرمة لقاح التحصين ضد المرض المعدي الفتّاك ، وقد المؤرخ حافظ وهبة هاتين الحادثتين في كتابه جزيرة العرب .
نكتفي بهذا القدر من النماذج التاريخية الموثقة ، وننتقل إلى الربط بين تلك النماذج وما ذكرته في المقال السابق عن الجهل المركّب والجهل البسيط لنتعرّف على أصول الغباء الديني وسُبل الخروج منه .
فللحديث بقية والله المستعان .