أنموذج من الماضي القريب يكشف بعض مواطن الخلل في التفقّه الإسلامي الحديث …
بلاد الحرمين الشريفين كانت ولم تزل بحمد الله حصناً من حصون الإسلام ، وقلعة من قلاع الفقه الإسلامي الأصيل …
فأين المشكلة ؟
المشكلة أن الناس وفيهم أخيارٌ من فقهاء المسلمين في شبه الجزيرة العربية كانوا مطلع القرن العشرين يعيشون في ظلمة من الفقر والجهل والتخلّف …
كلامي – بالقطع – عن الجهل بالعلوم الدنيوية وعلوم الطبيعة وما توصّلت إليه البشرية من اختراعات وصناعات في ذلك العصر ..
والكلام – على وجه التحديد – عن العقد الثالث من القرن العشرين أي بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية وانفتاح جزيرة العرب على العالم الخارجي ، وكانت الأمم من حولنا في ذلك العصر قد سبقت العرب بأشواط ومراحل والعرب لم تزل تعدو على الجمال والبغال …
تقلّبت الأحوال في أيام معدودات ، فبدأت تلوح في الأفق بشرى جبريل عليه السلام كما في الحديث الصحيح : ” ترى الحُفاةَ العُراةَ العالةَ رعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان ” .. فسبحان مغيّر الأحوال وله الحمدُ في الأولى والآخرة
فتح الله تعالى أبواب الرزق على جزيرة العرب .. وبسط الله الملكَ لعبد العزيز آل سعود [ ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها ؛ وهو لقبه منذ يناير سنة 1926 رحمه الله تعالى ] ففتح الملك عبد العزيز أبواب الدولة السعودية الناشئة للصناعات والمبتكرات الحديثة ..
لكنه – رحمه الله – واجه ضغوطات بالغة القسوة من بعض العلماء والفقهاء ومطاوعة الإخوان لأنّ بعض تلك الابتكارات الإنسانية الحديثة التي أُدخلت بشكل مفاجئ كانت أكبر من أن تتحمّله عقولهم في ذلك العصر فوقع منهم التخبّط في حمل الدين على الدنيا …
أي في تنزيل الأحكام الشرعية على تلك المستحدثات فتناسلت الفتاوى الغبية …
الكهرباء ؟!
يُذكر أنّ العالم الغربي الأوربي بدأ في تطوير البحوث المتعلقة بإنتاج الطاقة الكهربائية قبل أربعة قرون ، وقبل قرنين من الزمان نجح العلماء في تطوير الآلات البدائية لإنتاج الكهرباء والاستفادة من طاقتها بما يخدم البشرية .
وبالفعل نجح العالم المخترع مايكل فراداي في تصميم المحرك الكهربائي عام 1821 ، ثم توالت الاختراعات وتفنّن المخترعون في تطوير الأدوات النافعة التي تعمل بالطاقة الكهربائية . وأدى ذلك إلى طفرة من التقدّم الحضاري عُرفت بالثورة الصناعية الثانية .
بعد قرن من ذلك الزمان سعى الملك عبد العزيز رحمه الله لإدراك القافلة فأدخل الكهرباء إلى المملكة السعودية .
أتعلمون ما الذي جرى ؟
اعترض المتشدّدون على ذلك وقالوا الكهرباء من السحر ، والسحر حرام من كبائر الإثم والفواحش …
هذا حرام … هذا منكر .. هذا من عمل الجاهلية …
صدق أو لا تصدّق
تابع لتعلم حكاية جاهلية القرن العشرين …