عود إلى موضوع الخلافة !
إن الاعتقاد بحرمة تعدّد الأئمة – أو بعبارة أخرى – عدم جواز تعدّد الخلافة هو من أعظم الأخطاء الشائعة في فقه السياسة الشرعية وما يُعرف في المصطلح الحديث بالإسلام السياسي .
كلامنا هنا عن الرابطة السياسية والإمامة السياسية …
منشأ الخطأ في فهم النصوص القرآنية والسنن النبوية التي تكلمت عن ” الوحدة الإسلامية ” قد جاء من الخلط في تمييز الفارق بين الولاية الدينية والولاية السياسية .
هنالك نصوص تتكلّم عن الرابطة الدينية وأخرى تتكلم عن الرابطة السياسية أو غيرها من الروابط الدنيوية كرابطة النسل والنسب أو رابطة الأرحام والأصهار وغير ذلك .
فقول الله سبحانه وتعالى : ” إنما المؤمنون إخوة ” وقوله سبحانه : ” وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ” ونحوها من الآيات إنما تتكلّم عن رابطة الدين والإيمان ليس غيرُ .
سمّها إن شئت : وحدة الدين أو وحدة العقيدة أو وحدة الإيمان أو وحدة المنهج الديني الإسلامي أو اختر ما شئت من المصطلحات المتنوعة ما دامت صحيحة المعنى .
هذه الوحدة واجبة بلا خلاف ، فالمسلم أخو المسلم لا يزول هذا الوصف وإن افترقا في الأمصار أو وقع بينهما تنافر وشقاق ،ولذلك قال الله تعالى : ” وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ” فلم ينف عن أي من الطائفتين مسمّى الإيمان رغم الاقتتال ، فرابطة الدين لا تنفك بين المؤمنين إلا بالردة والكفر بالإيمان .
لا يتلاعب في النصوص إلا جاهل عن غير قصد أو ضالّ يتبع المتشابه من القرآن ابتغاء الفتنة .
فقول سبحانه وتعالى في آية الكلالة : ” وإن كانوا إخوةً رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين ” لا تعني أنّ المؤمنين قاطبة من المشرق إلى المغرب شركاء في ميراث الكلالة للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن الآية تتكلم عن أخوة النسب ، ولا تتكلم عن أخوة الدين كالتي في سورة الحجرات : ” إنما المؤمنون إخوة ”
ونحوه ما رواه البخاري في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب عائشة إلى أبي بكر الصديق ، قال له أبو بكر : ” إنما أنا أخوك ” فقال رسول الله : ” أنت أخي في دين الله وكتابه ، وهي لي حلالٌ ” . اهـ
فما جاء في القرآن الكريم من تحريم نكاح الأخوات وبنات الأخ وبنات الأخت والجمع بين الأختين كله متعلّق بأخوة النسب.
يتبع