حرق الكساسبة حيّاً حكم بغير ما أنزل الله “لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا ربّها”


“أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون “

صدق الله العظيم 

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ” تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هو الذي أنزل عليك الكتاب ، منه آياتٌ مُحكَمات هُنَّ أمُّ الكتاب ، وأُخَرُ متشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ ، فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله ، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌّ من عند ربّنا ، وما يذّكر إلا أولوا الألباب ” قالت قال رسول الله :

” إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمّى الله فاحذروهم ” .

متفق على صحته .

صيّة جليلة من رسول الله تفتح على الحيران باب الخلاص من فتنة الخوارج  …

أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام يرفعون راية الجهاد لإعلاء كلمة الله والحكم بالشريعة الإسلامية وهم أبعد الناس عن حكم الله … 

ألا ترى كيف ينتقون من النصوص ما يوافق هواهم ، ويشبع غرائزهم ..

أجئتم للحكم بما أنزل الله أم بما قال ابن تيمية …

أجئتم للحكم بما أنزل الله أم بما فعله خالد بن الوليد ….

النصّ الشرعي من المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى واضح جلي :

 ” لا يعذب بالنار إلا ربّها وإن الله ربّها ” .

   إنّ حادثة العرنيين الذين اقتصّ منهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمثل فقطّع أيديهم وأرجلهم وسمّل أعينهم إنما كانت في السنة السادسة من الهجرة أي قبل إسلام أبي هريرة رضي الله عنه . كما أن النهي عن الحرق أخصّ ، والعام يحمل على الخاص ، خاصة إن كان المستثنى الخاص مقروناً بعلّة عقائدية تعلّل سبب الخصوصية ، فانتبهوا لذلك يا أولي الألباب .

   سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه راوي حديث النهي عن الحرق أسلم في السنة السابعة وحادثة النهي عن القتل بالحرق كانت بعد زمن من إسلام أبي هريرة لما أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دم نفر من قريش سمّاهم ، منهم الفاجران هبّار بن الأسود ونافع بن عبد قيس وكانا من أفجر العرب وهما من قتلا زينب بنت رسول الله وابنها حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال : إن وجدتم فلاناً وفلاناً فأحرقوهما بالنار ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج : 

” إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما ” .

وفي رواية ابن إسحاق : ” قال أبو هريرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة أنا فيها ” وذكر بقية الحديث .

فهذا يدل دلالة قطعية على أن حادثة التحريق التي حضرها أبو هريرة كانت بعد حادثة العرنيين التي كانت في السنة السادسة قبل إسلام أبي هريرة ، وفي حادثة التحريق أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحرق أولاً وهو موافق للأصل المعهود ثم أتبعه بالحكم المنزل الجديد وبالنهي الناسخ الصريح ….

أتبعه بالحكم المخصوص بالنار خاصة … فاتقوا الله يا عباد الله

وفي رواية سعيد بن منصور ” أن هبّار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وهي في خدرها فأسقطت [ أي أسقطت الجنين حفيد النبي ] ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سريّة فقال : إن وجدتموه فاجعلوه بين حُزمتي حطب ثم أشعلوا فيه النار “

ثم قال : ” إني لأستحيي من الله ، لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله ” .

إن هذا البيان الفصيح الصريح يدل على أنّ التعذيب بالنار حق من حقوق الله خصّ الله به نفسه ، لا ينبغي لأحد أن ينازع الله به فمن اعتدى بعد هذا البيان الصريح فهو معتدٍ على الله سبحانه وتعالى .

    معاقبة بالمثل … معاقبة بالمثل 
 صدعتم رؤوسنا ، ما هذا الضلال ….

هب أن كافراً سبّ مسلماً فشتم الذي خلقه ، أيحل للمسلم أن يردّ عليه بالمثل فيشتم الذي خلقه ؟ هب أن كافراً فعل الفاحشة بمسلم أيعاقبه المسلم بفعل الفاحشة لواط بلواط ، حماقة بحماقة

أتريدون العودة إلى شرع الله أم شريعة الشيطان
إلى قوانين الله أم القوانين الوضعية الجاهلية الموروثة من العصورة الغابرة والماضي المظلم السحيق  ..
أتتبعون المتشابه من زلات الصحابة والسلف ممن خالف السنة لجهله بها أو لنسيانه قبل زمن التدوين .

حرّق علي بن أبي طالب المرتدين .
      أجل حرق علي المرتدين فأنكر عليه ابن عباس وقال : ” لو كنت أنا لقتلتهم ولم أكن لأحرقهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تعذبوا بعذاب الله ” فبلغ ذلك عليا فقال : 

” صدق ابن عبّاس ” .

 رواه الترمذي وصححه ، والحادثة مشهورة وهي التي فتحت باب الفتنة للقائلين بإلاهيّة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قالوا بعد ذلك : علي هو الله ، حرّق بالنار ولا يعذب بالنار إلا الله .

  لا حول ولا قوة إلا بالله ، علي بن أبي طالب لم يبلغه الحديث الشريف أو نسيه حتى ذكره ابن عباس ، وكان ابن عباس أميراً على البصرة لم يحضر ما جرى في الكوفة حتى بلغه الخبر فحدّث المسلمين بشريعة الله وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أيعاقب الكافر المرتد بعد ورود الخبر النبوي بمنازعة الله والاعتداء على حق لله وحده خصّ به نفسه ؟

ألا تستحيون من الله ! 

حديث النهي عن التعذيب بالنار أصبح مشتهراً على ألسنة المسلمين ، معلوماً للقاصي والداني ، مخرجاً في الصحاح بلاغاً للناس .. فلا حجة في قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ”  

نسخة للطبع نسخة للطبع