حرق مزارع القمح حربٌ قذرة


وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ” 

صدق الله العظيم 

[2/204-206]

 الله لا يحبّ الفساد، وإحراق محاصيل الزرع وطعام الأطفال والنساء والشيوخ في الحرب هو عملٌ قذر لا يحبه الله وليس من الدين في شيء، ولذلك أبى السلطان صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – أن يستعمل هذا السلاح القذر في حربه مع الصليبيين الغزاة، ومن روائع ما سجله التاريخ الإسلامي في هذا الصدد ما ذكره الحافظ ابن الأثير في الكامل عند كلامه عن الحروب الطاحنة التي وقعت خلال الحملات الصليبية بعد نجاح الصليبيين في احتلال مدينة عكا” من جهة البحر فشاء الله أن يهيج البحر فغرقت سفن المؤن والطعام، وكان الصليبيون محاصرين من جهة البر بجحافل القوات الإسلامية.

فانظر وتأمّل كيف تعامل المسلمون مع تلك الفاجعة التي أحلت بالغزاة.

قال ابن الأثير:

واشتد الغلاء على الفرنج حتى بلغت غرارة الحنطة أكثر من مائة دينار صوري فصبروا على هذا وكان المسلمون يحملون إليهم الطعام من البلدان منهم الأمير أسامة مستحفظ بيروت كان يحمل الطعام وغيره ومنهم سيف الدين علي بن أحمد المعروف بالمشطوب كان يحمل من صيدا أيضا إليهم وكذلك من عسقلان وغيرها لولا ذلك لهلكوا جوعا خصوصا في الشتاء عند انقطاع مراكبهم عند تهيج البحر“.

نسخة للطبع نسخة للطبع