حرية سفر المرأة بلا محرم بعد زوال علة التحريم

الجمود على ظواهر نصوص الشريعة الأولى في العصر الحديث يضرّ بالإسلام وصورته أكثر مما يفيده !

ومسألة تحريم سفر المرأة بلا محرم” التي نحن بصددها هي من النماذج الميسّرة لمعرفة كيفية التعامل مع قوانين الشريعة لأن الله عز وجل هو من كشف الحالة الخاصة بالظرف المكاني والزماني القديم، ولأن النبي ﷺ هو من تنبّأ باختلاف الأحوال عند اختلاف الزمان

تعالوا معي نتدبّر الآيات من قوله تعالى: 

الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً” 

 – إلى قوله – 

 وممن حولكم من الأعراب منافقون” …

[سورة التوبة 99 – 101]

لذلك “الخطر الأمني” في الظرف المكاني المحيط بالمدينة أصدر النبي ﷺ قانوناً وضعياً” يمنع الأعراب الصادقين المؤمنين من بني سلمة أن يتقرّبوا بالسكنى من المسجد النبوي خشية أن تُعرّى المدينة فقال لهم رسول الله ﷺ :

  يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم” 

فالغاية كانت إشراكهم في تأمين المجال الصحراوي المحيط بالمدينة المنورة من كمائن الأعراب وغاراتهم !

ولذلك أذن النبي للنساء بالخروج إلى الخلاء القريب حوالي المدينة بلا محرم ومنع من البعيد، وكانت أسماء بنت أبي بكر تسفر إلى أرض الزبير وهي على بُعد ثلثي فرسخ[10 كيلومتر] بلا خفير.


مفهوم ؟

الخلل الأمني كان في أسفار الصحراء البعيدة قبل اختراع وسائل الاتصالات والمراقبة والنجدة السريعة، وقبل اختراع الفنادق والمستشفيات المؤمّنة …

في ذلك الظرف المكاني والزماني القديم لم تكن دولة النبي ﷺ قادرة على حماية المسافرين من غدر الأعراب وقسوة كمائنهم فتلك هي علة تحريم السفر بلا محرم، وقد روى البخاري في صحيحه عن عدي بن حاتم أن رجلا شكا إلى النبي قطع السبيل فقال رسول الله :

“أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير”

تدبّروا هذا الحديث 

لتفهموا المقصود باعتبار اختلاف الظرف المكاني وتغيّر الأحوال والزمان

نسخة للطبع نسخة للطبع