داعش تعلن الحرب على تركيا

 في جميع فنون العلوم والمعارف الإنسانية توجد حالات استثنائية لا مثيل لها ولا نظير، لا تصلح للقياس ولا تنفع للتشبيه، يعرّفها العلماء 

 بـ”الحالة الشاذّة”

حركة داعش مثال على الحالة الاستثنائية الشاذة الفريدة في تاريخ الحركات الدينية السياسية القديمة والحديثة، مهما قلبت في صفحات التاريخ وتجارب الحركات السياسية أو الإرهابية فلن تجد لداعش مثيلاً، ولذلك يعجز المحلّلون والمفكّرون عن فكّ طلاسمها أو توقّع اللاحق الآتي من أفعالها وأقوالها – تماماً – كما يعجز العقلاء – أحياناً – عن توقّع ما يصدر عن المجنون من غريب الأقوال والأفعال!

في السنوات الماضية ألقى كثيرٌ المراقبين باللوم على النظام التركي حتى اتهموه بالتواطؤ سرّاً مع داعش وعلّلوا ذلك بسياسة التراخي الأمني في ضبط الحدود التركية السورية ذهاباً وإياباً، والتراخي الأمني في مراقبة السوق السوداء التي كانت لداعش بمثابة رئة الحياة ! والله أعلم بالظاهر والمخفي.

وسواءٌ ثبتت التهمة أم لا، فقد كان من المتوقّع أن تقوم حركة داعش بصرف “تركيا” من قائمة الأولوية إلى قائمة “الدول الهادئة” أو “دول المَمَر” كما يسميها أبو مصعب السوري باعتبار المصالح المشتركة مع الإبقاء على شيءٍ من المناوشات “الصورية” التي تمليها ضرورة الفكر التكفيري، قياساً على المواقف المعهودة من الحركات التكفيرية [كمهادنة باكستان خلال الغزو السوفييتي لأفغانستان أو مهادنة إيران خلال الغزو الأمريكي].

لكنّ الناطق الرسمي الجديد “أبو الحسن المهاجر” قفز على المعقول فقَلَب الأقيسة بانقلاب حادّ المزاج على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان حتى بلغت حدّة الانقلاب إلى درجة الاستنفار العام لغزو تركيا وتفجير السفارات التركية أينما وُجدت !!

  غضبة غير طبيعية !  


هنالك أكثر من ستين دولة متورّطة في رجم الدواعش بالصواريخ والقنابل .. فما سر هذا الغضب على تركيا
 دون غيرها ؟؟

وما هو سرّ التركيز على استهداف المصالح التركية في أول خطاب رسمي؟؟

أهي غضبة جنونية شاذة غير قابلة للتعليل !

أم هنالك شيءٌ خفي فيه مكمَن السرّ؟

لأنّ المجنون – حتى المجنون – إذا غضب فإنه لا يغضب حين يغضب إلا لشيءٍ يُشيطه، وإنْ رآه الناس تافهاً …

فتّشوا عن ذاك الشيء الذي أشاط أبا الحسن غضباً !

وحذارِ من غضبة الدواعش

وقد أعذر من أنذر

نسخة للطبع نسخة للطبع