ننتقل الآن إلى معرفة سبب جهالة اسم سفينة …
ولِمَ اختلف العلماء في تحديد اسمه على واحد وعشرين قولاً ؟؟؟
فمن قائلٍ هو فلان ، ومن قائل هو فلان .. بل فلان … ولعله فلان ..
فلا هو معروف باسمه ولا هو مشهور ومعروف بلقبه ؟
الحكاية وما فيها أن المدعو ” سفينة ” كان يرفض الكشف عن اسمه فإذا قيل له : ما اسمك ؟ يقول للسائل : ما أنا بمخبرك ، سمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة فلا أريد غيره ….
ولو سلّمنا بصحة ما ادعاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان معروفاً عند الصحابة رضوان الله عليهم بلقبه ، أي بالاسم الذي سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الملأ كما يزعم ، وقد شهدوا منه أعظم المعجزات مما تتوافر الهمم لنقلها …
ومع ذلك لم يأت أحد من الصحابة على ذكره …
أيعقل هذا ؟
ولنعد إلى حجة الحافظ ابن حجر في إبطال صحبة ” رتن الهندي ” فنقول هنا كما قلنا هنالك :
لو كان سفينة شخصاً ذا هوية معروفة مقربة من النبي صلى الله عليه وسلم لورد ذكره في حديث الصحابة رضي الله عنهم ولو مرّةً واحدة ….
أيعقل أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم صحابي ذو كرامة معجزة عشر سنين فلا يأت أحد على ذكره ؟
إنّ من الصحابة رضوان الله عليهم من لم يسند من الحديث النبوي حديثاً واحداً لكننا نقطع بوجودهم كما نقطع بوجود مكة والمدينة والكعبة المشرفة والحجر الأسود مثل سيّدنا حمزة بن عبد المطلب ، وأسعد بن زرارة ، وسعد بن معاذ ، وعبّاد بن بشر وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً .
لماذا ؟
لأنّ هؤلاء ورد ذكرهم متواتراً عمّن حضر عهدهم وسِنِيَّهم …
فاقرأ صحيح البخاري وتأمّل كم مرّة ذكر اسم سعد بن معاذ في أحاديث النبي وأصحابه والتابعين ..
سعد بن معاذ شخص نقطع بوجوده في العهد النبوي .. ولا جدال في ثبوت صحبته ..
ومن الصحابة رضوان الله عليهم من عاش بعد النبي فأسند شيئاً قليلاً من الأحاديث أو لم يُرْوَ عنه شيء لانشغال الناس في الغزوات والفتوحات لكننا نقطع كذلك بوجودهم كسيّدنا بلال وسعد بن عبادة وسعد بن أبي وقاص وغيرهم ، ومنهم من عمّر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوداً فحدّث عنهم الناس وعرفهم كبار التابعين وصغارهم فأكثروا عنهم كسيدنا أنس بن مالك وعبدالله بن عبّاس وعبد الله بن الزبير وجابر بن عبد الله وأم المؤمنين عائشة وغيرهم رضوان الله عليهم ، فهؤلاء نقطع بصحبتهم .
بل لو قال قائل : احذفوا كلّ ما أسندوه من الأحاديث النبوية لقطعنا بصحبتهم لأنّ ذكرهم تواتر في أحاديث غيرهم من الصحابة ….
أما سفينة فمن هو ؟ ومن ذكره ؟
بل من عَرَفَه وعرّفه من الصحابة وكبار التابعين بإسناد صحيح مثبت ؟
لا نريد التواتر كما جاء في حمزة وسعد بن معاذ نريد سنداً واحداً صحيحاً مسنداً …
لم يذكره أحد البتة …
ألا يثير ذلك شكّاً في ثبوت الصحبة من الأساس ؟