قُتل “البنا” فدُفعت راية الإخوان المسلمين إلى المستشار الهضيبي وكان عاقلاً ناضجاً قليل الحيلة والعزيمة، فأرخى الأشرعة وأبطأ الحركة، وحَرَفَ الدفة شيئاً قليلاً، وفي تلك الأثناء طلع في الإخوان المسلمين نجمٌ ساطع ثابت كالنجم القطبي، كان أفصح من البنا لساناً وأبلغُ منه بياناً فالتقط الناظور وثبّته على بوصلة الإمام ثبوت نجمة القطب الشمالي لكنه جدّد الرؤية بتعديل المقاييس والمقادير ليس غيرُ.
من تلك النقطة تحديداً يمكنكم فكّ لغز المصاهرة بين الإخوان والسلفية وما تولّد عن ذلك التزاوج من فروع الجهادية التكفيرية.
لقد اعترف البنا بأن الطريق إلى الغايات المحدّدة طويلة لكنه نجح بالفعل في حشد ما يربو بكثير على الثلاثمائة كتيبة وهي العدّة الكافية عنده لخوض البحار واقتحام السماء وغزو كلّ جبّار عنيد، لكنّ سفينة الإخوان اصطدمت بالواقع فعلقت بصخيرات المقطّم أو الجبل الأصلع كما كان يسمّيه عمرو بن العاص قبل الوصول إلى بحر الروم، غرقت في الوحل المصري كما غرقت تايتانيك إذ كان ربّانها منشغلاً بالتحديق في الأفق البعيد، وتلك نهاية من ينظر بعين واحدة.
من تلك النقطة تحديداً يمكنكم فكّ لغز المصاهرة بين الإخوان والسلفية وما تولّد عن ذلك التزاوج من فروع الجهادية التكفيرية.
لقد اعترف البنا بأن الطريق إلى الغايات المحدّدة طويلة لكنه نجح بالفعل في حشد ما يربو بكثير على الثلاثمائة كتيبة وهي العدّة الكافية عنده لخوض البحار واقتحام السماء وغزو كلّ جبّار عنيد، لكنّ سفينة الإخوان اصطدمت بالواقع فعلقت بصخيرات المقطّم أو الجبل الأصلع كما كان يسمّيه عمرو بن العاص قبل الوصول إلى بحر الروم، غرقت في الوحل المصري كما غرقت تايتانيك إذ كان ربّانها منشغلاً بالتحديق في الأفق البعيد، وتلك نهاية من ينظر بعين واحدة.
قتل “البنا” وسيقت كتائب الإخوان إلى سجون التعذيب زُمراً زُمراً، فطلع النجم الصاعد “سيّد قطب” فخطف بريقه الأبصار، أخذ الناظور وأرجع النظر إلى نقطة واحدة!
أترون كيف يحدّق الرُّبان أو الفلكي بمنظوره في نقطة من الأفق الفسيح ؟
كذلك فعل “سيّد قطب”، حدّق في كلمة واحدة من كلمات الزعيم المؤسس، فأرجع البصر إلى قول الإمام :
“وفي الوقت الذي يكون فيه منكم ـ معشر الإخوان المسلمين ـ ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسياً روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة”.
على هذه النقطة تحديداً حام سيّد قطب فكتب وفسّر، وفكّر وقدّر، ومخّض مخاضاً أبدع منه زُبدة المنهج القطبي في ضبط المعايير والمقاييس، لخّصها في كتابٍ وجيز موضوعه في الأساس هو الطريق الطويلة التي تكلّم عنها الإمام حسن البنا سمّاه:
“معالم في الطريق”
سيّد قطب لم يحرف الناظور عن الغاية المنشودة بل ثبّته، ولم يعترض على مسير حركة الإمام المؤسس، لكنه ضبط العدسة بمعايير جديدة يرجع إليها الفضل في مدّ جسور الوصل مع السلفية والجهادية والتكفيرية …
تابعوا لتعلموا كيف وقع المخاض والتفريخ.
وللحديث بقية