نهض شبيب الخارجي للدولة الأموية في العقد الثامن من القرن الإسلامي الأول، ولم يكن لشبيب في زمنه نظير في الشجاعة والفروسية، فحمل لواء الجهاد لرفع الظلم .
بارز الأقرانَ فكسرهم وقهرهم وشتت شملهم حتى قيل إنه كان يظفر بستمائة على خمسين ألفاً !
ومما ذكره المؤرخون في ترجمته أنه قد قتل من جند الحجاج أربعة وعشرين أميراً كلهم من أمراء الأجناد [جنرالات] قتلهم واحداً بعد واحد، وهزم جيوشهم، ودوّخ الحجاج بتكتيكاته العسكرية، وقيل إنّ شبيباً كان يكرّ على الجيش فيقتل ويقتل ثم يفرّ فيظنّ أمراء الجند أنه قد أُصيب أو جبُن فإذا لحقوا به التفّ إليهم وأعاد الكرّة عليهم فيقتل منهم ما شاء الله .
حاول الحجاج أن يحقّر من شأن شبيب وأتباعه عند العامة فعيّره بغزالة على منبر جامع الكوفة فنذرت غزالة امرأة شبيب أن تبول على منبر الحجاج فحمل الشبيبية على الكوفة عاصمة العراق وقتئذ فاقتحموا أسوارها وفرّ الأجناد والعسس، فدخلها شبيب والناس يهربون في الأزقّة من بين يديه حتى بلغ باب القصر فضربه بالعمود الحديدي فأثرت ضربته في الباب فكان أهل الكوفة يقولون بعد ذلك :
“هذه ضربة شبيب”
[سيأتيكم المزيد من التفصيل عن ذلك العمود الحديدي]
الساسة في زماننا يتندّرون بطُرفة القذافي حين اقترح – هَزَلاً – مبادرة لوقف الحرب بين الولايات المتحدة والعراق بتخصيص حلبة للمصارعة الحرة بين الرئيسين صدام وبوش حقناً لدماء الشعبين، فأعجب منه ما اقترحه شبيب جدّاً وشتّان بين الجدّ والهزل …
وقف شبيب على باب قصر الإمارة في الكوفة فدعا أميرها الحجاج بن يوسف الثقفي للمبارزة وحسم الصراع، فمن تراه الشبيبي الجسور على مواجهة الرجل الثاني لأعظم امبراطورية على وجه الأرض في ذلك الزمان.
صدّق أو لا تصدق
“غزالة” امرأة شبيب هي التي تطوّعت للنزال فنادت على الحجاج :
” يا حجاج هل لك في البراز ”
ويزعم المؤرخون هنا أنّ الحجاج – وما أدراك ما الحجاج – قد هابها، وفرّ من الكوفة وهذا والله أعجب العجب.
ثم اقتحمت غزالة مسجد الكوفة لتبرّ قسمها وتوفي نذرها فقرأت وِرْدَها من القرآن الكريم ثم صعدت على المنبر فبالت عليه – والعياذ بالله – [والعهدة على المؤرخين] وذلك سنة ستّ وسبعين من الهجرة النبوية، ونظمت في تلك الحادثة أشعار شهيرة في دواوين الإسلام منها قول عمران بن حطان السدوسي يعيّر الحجاج ويؤنّبه :
أسَدٌ عليَّ وفي الحروب نعامةٌ
فتخاءَ تجفَلُ من صفير الصافر
هلاّ برزَتَ إلى غزالة في الوغى
أم كان قلبُك في جوانح طائر
ويُروى “جناحَي طائرِ”
أما المعارضون فأقرّوا بالفضيحة ونظم شاعرهم قوله :
أوفت غزالة نذرَها
يا ربِّ لا تغفرْ لها
وللحديث بقية