قال الله تبارك وتعالى في قصة موسى وفرعون:
“قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ”
وخاطب الله هذه الأمة بقوله سبحانه وتعالى:
“وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”
صدق الله العظيم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إنّ الله لا ينظر إلى صُوَرِكم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”
كتب عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب عام الرمادة:
“يا لبيك يا لبيك، قد بعثت إليك بعير أولها عندك وآخرها عندي والسلام عليك ورحمة الله”
متّع سمعَكَ وبصرَكَ بمعرفة البرنامج السياسي العملي والخطة
الاستراتيجية لتحقيق الصاروخ الموعود
حبّ المجازفة والمغامرة طبع معروف عن داهية العرب عمرو بن العاص كما تراه في سيرته حين قرّر المسير لفتح مصر ومواجهة الروم البيزنط بأربعة آلاف مقاتل فقط فأبى أن يفتح كتاب أمير المؤمنين عمر الذي يأمره فيه بالرجوع عن المغامرة في قصة طريفة سأذكرها لاحقاً، لكن الوضع في عام الرمادة لم يكن يحتمل المغامرة بأرزاق الناس فعمل عمرو بن العاص بالمبدأ المشهور في المَثَل الإنجليزي:
“لا تضع كل البيض في سلة واحدة”
في هذا الظرف الاستثنائي سلك سيدنا عمرو بن العاص مسلك “سياسة الحيطة والتنويع”، احطاط من غدرة البحر وتقلّب الرياح فبعث قوافلَ العير البريّة البطيئة والآمنة محمّلةً بالأطعمة والأكسية المصرية، وقولنا “قوافل” من باب التجوّز اللغوي لأنّ القافلة في اللغة العربية الأصيلة هي العير التي تذهب ثم تقفل راجعة، وهذا لا ينطبق على عير الإغاثة المصرية لأنها كانت رحلة ذهاب بلا إيابٍ ولا رجعةٍ، فقد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – كما جاء في الروايات – يدفع إلى الناس الجَمَلَ بما حَمَل ويأمرهم بنحره وأكله بعد تفريغ حمولته!! ووصلت العير المصرية إلى الحجاز تترى، واحدة بعد واحدة، لا يفصل بينها إلا زمن وجيز، وهذا المقصود بأولها عندك وآخرها عندي، وليس المراد قافلة واحدة مديدة من مصر إلى الحجاز، ويقابل هذا المعنى في المصطلح السياسي أو العسكري الحديث قولهم : “جسر جوي” أو “جسر برّي” أو “جسر بحري” أي أسراب متتابعة لنقل الإمدادات العسكرية أو إمدادات الإغاثة ونحوها.
وفي آنٍ واحدٍ شرع عمرو بن العاص في تدشين خط المواصلات البحرية الرابط بين مصر والحجاز، أو جسر الإمدادات الكبيرة السريعة لأنّ حمولة السفينة أكبر من حِمْل البعير، وأسرع حركة عند هبوب ريح الشمال، وهو المعروف في قديم الزمان كما قال الله تعالى في سورة سبأ:
“ولسليمان الريح، غدوّها شهر ورواحها شهر”
قيل في تفسيره أي انتظام تقلّب حركة الريح، وقيل معناه: سرعة حركة النقل البحري إذ كانت سفن سليمان – عليه السلام – تسير في اليوم الواحد مسيرة شهرين قياساً على المسير البري، تغدوا صباحاً مسيرة شهر، وتروح بعد زوال الشمس مسيرة شهر، ومحصّله أنّ حركة السفن الشراعية في العصور القديمة كانت أسرع من حركة عير الإبل البريّة حين تجري الرياح بما تشتهي السفن، وهذا هو الفارق في المعجزة الإلهية التي خصّ الله بها سليمان إذ سخّر له الريح حيثً يشاء، أما الناس فكانوا ينتظرون تقلّب المواسم الجويّة في الطبيعة المعهودة.
فوضع عمرو بن العاص خطة أوّلية عاجلة لحركة سفن الإغاثة باستعمال الخط التقليدي القديم الرابط بين ميناء أيلة [إيلات] على رأس خليج العقبة إلى سواحل الحجاز في مراسي الجار [قرب ميناء ينبع الحالي] وهي السبيل إلى المدينة المنورة، ومراسي “جُدة” وهي السبيل إلى مكة المكرمة.
لكن هل تعلمون بماذا بدأ عمرو بن العاص قبل الشروع في البرنامج الحداثي الجديد
هل تعلمون ما فعل لتحقيق الصاروخ السياسي الموعود !!!
هل تعلمون كيف نجح عمليّاً في تحويل الآمال والأحلام إلى حقيقة ؟؟؟
يا أهل الحجاز ..
يا أهل مصر ..
يا مسلمون .. يا أقباط !
متعوا أسماعكم وأبصاركم بمعرفة ما فعل آباؤكم الأولون ….
للحديث بقية