عام الرمادة .. أول كارثة طبيعية في التاريخ الإسلامي

أول كارثة طبيعة في التاريخ الإسلامي .. قحط شديد قاتل أصاب الحجاز من أطراف الشام إلى اليمن، كان ابتداؤه مع نهاية موسم الحج في خواتيم سنة سبع عشرة من الهجرة النبوية، ودام تسعة أشهر من سنة ثمان عشرة حتى اغبرّت الأرض جدّاً من عدم المطر، جفّت الآبار والعيون فجفّ الضرع ومات الزرع وهلكت الماشية فسمّي ذلك العام بعام “الرمادة” لما حصل من شدّة الجدب، وشاء الله العزيز الحكيم أن يُتبع الجدبُ بطاعون “عمواس” فتفشّى مرض الطاعون في الأرض المباركة من أرض فلسطين والشام، وكان أمير المؤمنين قد همّ بالسفر إلى الشام ليجلب الطعام لأهل الحجاز فلما سمع بالطاعون رجع عملاً بوصيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم [قانون الحجر الصحي]، ونفدت خزائن بيت المات فجاع الناس جوعاً شديداً حتى اضطرت الأعراب إلى ترك البوادي والأرياف فنزحوا إلى المدينة المنورة، وأوكل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رجالاً يقومون بمصالحهم.

صورة لضحايا مجاعة من العصر الحديث

قال عمر بن الخطاب في ليلة من ليالي الرمادة: “أحصوا من يتعشّى عندنا” فأحصوهم فوجدوهم سبعة آلاف رجل، وأحصوا الرجال المرضى والعيالات فكانوا أربعين ألفاً، ثم بعد أيام زاد الناس فبلغ الرجال والعيال ستين ألفاً. عشرة آلاف يتعشون عند عمر داخل المدينة المنورة، وخمسين ألفاً في المخيّمات على أطراف المدينة، والمرض المذكور هنا ليس هو الطاعون الذي ضرب الشام بل مرض الجوع الذي أصاب أهل الحجاز، ولك أن تتخيّل حجم الكارثة إذ جاء في بعض الروايات أنّ موتى الجوع من الأعراب الذين قدموا إلى المدينة بلغ أربعين ألفاً، دفنوا في مقابر جماعية على أطراف المدينة، بين قبر سيدنا حمزة رضي الله عنه وجبل أحُد، ولم يزل ناسٌ يغلطون في تلك المقابر يظنّونها لشهداء أحُد وإنما هي مقابر الأعراب الذين ماتوا من مرض الجوع عام الرمادة. 

ما تقدّم هو عبارة عن تقرير إخباري موجز لبعض ما جاء في الروايات المسندة في كتب التاريخ الإسلامي كطبقات ابن سعد.

أحداث الرمادة معروفة مشتهرة عند العلماء، يذكرونها عند الحديث عن فضائل عمر أو صلاة  الاستسقاء أو جواز التوسل بدعاء الصالحين،  وعند الحديث عن مقاصد الشريعة وحادثة تعطيل العمل بحدّ السرقة لأنّ عمر بن الخطاب لم يقطع يد السارق عام الرمادة.

لكنني سأبيّن لكم في المقالات التالية – إن شاء الله – فوائد عزيزة نفيسة غير مشتهرة على ألسن الفقهاء والمفكّرين.

دروس وعبر ذات صلة بالكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العالم الإسلامي في زماننا …

فانتبه لما هو آتٍ !

نسخة للطبع نسخة للطبع