من أقدم الأحاديث النبوية ما رواه مسلم في صحيحه عن عمرو بن عبسة السُلَمي رابع المسلمين رضوان الله عليهم أنه قد سأل النبي صلى الله عليه وسلم في الأيام الأولى من البعثة فقال له: ما أنت ؟
قال : أنا نبي
قال : وما نبي ؟
قال : أرسلني الله
قال : وبأي شيء أرسَلَكَ ؟
قال : “أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يُوَحَّد اللهُ لا يُشرك به شيء “
قال : فمن معك على هذا ؟
قال : معي حُرٌ وعبدٌ ، ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به .
الحديث الثابت يدلّ على أنّ الله تعالى قد أرسل رسولَه بكسر الأوثان، ثم كان من السيرة النبوية ما لا يخفى على صبيان المسلمين حتى صالح النبي صلى الله عليه وسلم كفّارَ قريش بالحديبية فكتَب :
“هذا ما قاضى محمد بن عبد الله ، لا يُدخل مكةَ السلاح إلا السيف في القِراب … إلخ “.
ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكةَ المكرمة في العام المقبل أي في السنة السابعة بناء على وثيقة السلام وهي يومئذ تحت سيادة المشركين، فاعتمر عُمرة القضيّة، واختلى هو أصحابه بالبيت فقال لأصحابه : “ارمُلوا” ليَرى المشركون قوّةَ أصحابه !
[رواه البخاري]
فقال المشركون: “ما وَهِنتم” !
فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من العمرة أتى المشركون عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقالوا له: قُل لصاحبك اخرجْ عنّا فقد مضى الأجَلُ ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم.
[رواه البخاري]
كان حول الكعبة وفوقها ثلاثمائة ستون وَثَناً تركها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكسرها وهذا باتفاق المؤرخين والرواة حتى كان يوم الفتح في السنة الثامنة كما في الصحيحين، دخل مكة فطاف بالبيت فجعل يمرّ بتلك الأصنام يطعنها بعود كان بيده ويقول:
“جاء الحقٌّ وزَهقَ الباطل إن الباطل كان زهوقاً”
لماذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم كسرَ الأوثان في السنة السابعة لما دَخَل مكة معتمراً ؟
أيّاً تكن التبريرات والتعليلات والتفسيرات فإنّ مدارها على شيء واحد ! هو الظرف الاستثنائي.
وللحديث بقية