فتاوى غبية

 نشرت مجلة  Foreign policy بتاريخ 16 / 07 / 2007 مقالاً بعنوان :

” قائمة : أغبى الفتاوى في العالم ” 

ذكر كاتب المقال قائمة لما اعتبره أغبى فتاوى دينية صادرة عن علماء من فقهاء المسلمين السنة والشيعة ، منها فتوى الخميني في إهدار دم سلمان رشدي صاحب كتاب ” آيات شيطانية ” ، وأخرى لغيره من علماء السنة في تحريم ألعاب الأطفال البوكيمون اليابانية ، وفتوى إرضاع الكبير ، وفتوى تحريم لقاحات شلل الأطفال ، وأخرى يستحيي العاقل من ذكرها نُسبت إلى عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر [ سابقاً ] / أستاذ الفقه المقارن / الدكتور : رشاد حسن خليل ، أفتى فيها ببطلان عقد الزواج إذا تعرّى الزوجان من لباسهما عند الجماع !

المقال من وجهة نظري ينطوي على خبث ومكر وغايات سياسية لا تخفى ،  فالكاتب أعرض عن انتقاء ما لم يَجرِ عليه العمل من الفتاوى الإسلامية المنبوذة الشاذّة القديمة ، وانتقى الشاذّ من الجديد المعاصر أو ما لم يزل يردّده المعاصرون من المشاهير ..

والمقصد الخبيث من المقال هو بيان أثر الدين الإسلامي في تخلّف الأمة الإسلامية ؛ سُنّة وشيعة .

الشاذّة والفاذّة بالطبع والفطرة موجودة في جميع الملل والنحل ، وفي كل عصر وزمان  ولن تجد لسنة الله تبديلاً …

في كلّ أمة من الأمم الإنسانية حمقى ومغفّلون لا غرابة في ذلك . وقد ألّف الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى – وكان من أجلة علماء المسلمين في القرن السادس الهجري – كتاباً ماتعاً في أخبار الحمقى والمغفلين . قسمه على أبواب وفصول ليبيّن التنوّع الطبيعي في الحماقة والغفلة والغباء !

فذكر مما ذكر أخبارَ القرّاء المغفّلين [ أي قرّاء القرآن الكريم ] وأخبار المغفلين من رواة الحديث النبوي ، والمغفلين من الأمراء ، والقضاة ، والأئمة ، والبدو الأعراب وغيرهم .

نعلم بيقين أنّ الإسلام المجيد لم يكن المستهدف بالإساءة والسخرية في كتاب ابن الجوزي لكنه – رحمه الله – أثبت أن الأمة الإسلامية كغيرها لا تخلوا من الحمقى والمغفلين ممن يسيء بغبائه وجهالته إلى الإسلام عن قصد أو عن غير قصد ..

     التصنيف في هذا الصنف من الناس فنّ معروف في الثقافة الإسلامية منذ قديم الزمان .

       وما يثير القلق في المقال المنشور في المجلة الأمريكية أنّ العالَم الإنساني من حولنا شرع في إحصاء ما تنتجه آلة الفتاوى الإسلامية الغبية التي تنشط في العصر الحديث وتنسب إلى الإسلام زوراً ما ليس منه .

ولو كان الأمر مقصوراً على الحمقى والمغفلين منا لاستمتعنا بالمُستملحات المضحكات من أخبارهم لكن الأمر كما ترى أعظم خطراً وضرراً ، لأنّ الغرائب تصدر عن أشخاص لهم وزن في العالم الإسلامي  ..  

أن يصدر ” الغباء الممنهج ” عن الصبيان والسفهاء كالغلاة والمتطرّفين شيء …

وأن يصدر الغباء الممنهج عن الشيوخ والعلماء والدكاترة والعمداء شيءٌ آخر …

شيء ما في ” الإسلام ” يجب إصلاحه !

التعصّب والتكبّر وبَطَرُ الحقّ لا يُجدي نفعاً ولا يداوي جُرحاً .

العلاج يبدأ باعتراف المريض بالمرض … ثم بالتشخيص الصحيح لنوع المرض …

ولكل داء دواء

نسخة للطبع نسخة للطبع