كانت حدود بلاد الإسلام في المشرق تمتد إلى ضفاف نهر سيحون [يتخلل بلاد أزبكستان حالياً]، قال الحافظ ابن الأثير في الكامل : “وهو نهر كبير يفصل بين بلاد الترك وبلاد الإسلام” اهـ ، وكانت دولة الفقيه علاء الدين محمد “خوارزم شاه” تمتد من ذلك النهر إلى حد العراق غرباً، وكانت ضفتي ذلك النهر ممرّاً تجاريّاً دوليّاً يربط مشارق الأرض بمغاربها فتعود منافعه الاقتصادية إلى أُمم لا تُحصى عدداً، وهو المعروف بــ”طريق الحرير” .
الممر التجاري يعتبر بالمصطلح السياسي الحديث: مجالاً حيويّاً تحتك فيه المصالح الاقتصادية العالمية مثله كمثل قناة السويس ومضيق هرمز وباب المندب وجبل طارق ونحوها.
السلطان الفقيه والسياسي المحنّك الذي تغلّب على خوارزم بغلبة السلاح ثمّ لقّب نفسه بالشاه ثم مدّد سلطانه على تلك المساحة الشاسعة وظنّ أنّ دولته باقية وتتمدد، ارتكب غلطةً قاتلة على الطريقة الداعشية كلّفت المسلمين ثمناً باهظاً كاد أن يطفئ نور الإسلام إلى الأبد حتى ظنّ الناس أنّ القيامة قد آن أوانها، وأنّ الزمان قد أشرف على الختام والزوال.
على حين غرّة، وثب رجال “خوارزم شاه” على قوافل “جنكيزخان” [ قيل كانت سفارَة ، وقيل قوافل تجارية ] في الضفة المقابلة من النهر فقتلوا الرجال وسبوا النساء وغنموا المتاع والأموال وفعلوا بهم الأفاعيل على الطريقة الداعشية الاستفزازية، وفي مثل ذلك يتفنّن الزائغون الغاوون في توظيف النصوص الدينية الجهادية لملء البطون وإشباع الرغبات والشهوات باسم الدين، وفاتهم – عن قصد أو عن غير قصد – قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اتركوا التُركَ ما تركوكم” وقوله صلى الله عليه وسلم : “الرسل لا تُقتَل”.
فُتحت بزلة شرذمة من الغاوين أبوابُ الجحيم على بلاد المسلمين فتحرّك جنكزخان للثأر والانتقام بعد أن فُعلت برعيّته الأفاعيل ..
أفاعيل داعشية يخجل الحَيِيُّ من ذكرها ، طواها الحافظ ابن الأثير في تاريخه الكامل بقوله :
“وقيل في سبب خروجهم [أي جيوش جنكزخان] إلى بلاد الإسلام غير ذلك مما لا يُذكر في بُطون الدفاتر :
فكان ما كانَ مما لستُ أذكرُهُ
فظُنَّ خيراً ولا تسأل عن الخَبَرِ ”
اهــ
يتبع