أقول وأكرر:لا يوجد من جهة الشرع ما يمنع غير المسلمين من الدخول إلى الحجاز وجزيرة العرب إلا المسجد، ومن العلماء من رخص بإدخالهم إلى المسجد لغير العبادة كأعمال البناء ونحوه، وقبل الخوض في التفاصيل أدعوكم لتأمل هذه الروايات:
روى ابن أبي شيبة والبيهقي بإسناد صحيح أن أبا موسى الأشعري قدم المدينة المنورة ومعه كاتب نصراني فأعجب به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقال: إن هذا لحافظ، وإن لنا كتاباً في المسجد فادعه فليقرأ، فقال أبو موسى: إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد، فقال عمر: أجنبٌ هو ؟
قال: لا بل نصراني”.
وروى البخاري في الصحيح قصة مقتل عمر بن الخطاب وفيها قوله: يا ابن عباس انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء، فقال: غلام المغيرة، قال: الصَّنِع ؟ قال: نعم قال: قاتله الله لقد أمرت به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة“.
وذكرنا من قبلُ قصة القبطي الذي وفد إلى المدينة المنورة ليشكو عمرو بن العاص وابنه إلى أمير المؤمنين فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم مع ابنه، فاقتصّ النصراني من المسلم فضربه بالسوط في فضاء المدينة المنورة وبحضرة شيوخ الصحابة كما رواه ابن عبد الحكم بإسناد صحيح في فتوح مصر [صفحة 114].
وروى الأزرقي في أخبار مكة [ج2/103] أن جده أخبره بأن القبة الواقعة بين زمزم وبيت الشراب بمكة المكرمة عملها أبو بحر المجوسي النجار في عهد الخليفة المهدي سنة 160، وفي تاريخ المدينة للطمري:أن الوليد كتب إلى ملك الروم فقال: إنا نريد أن نعمّر مسجد نبيّنا الأعظم، فأعنّا بعمال وفسيفسياء، فبعث إليه بثمانين عاملاً، أربعين من الروم وأربعين من القبط، وثمانين ألف مثقال وبأجمال من الفسيفسياء، وبأجمال من سلاسل للقناديل“.