مرة أخرى …
قد يقول القارئ الكريم إن ذكر الخنزير والثعلب فيه بذاءة وسوء أدب!
فأقول: بمثل هذا اعترضت اليهود على القرآن الكريم لما ضرب الله فيه المَثَلَ بالذباب والعنكبوت فقالوا : ماذا أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة؟
فأنزل الله تعالى:
“إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مَثَلاً ما بعوضة فما فوقها، فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحقّ من ربّهم، وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مَثلاً” ؟
وأنزل سبحانه وتعالى:
“وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون”
ذكر الله تعالى في القرآن الكريم؛ الذبابَ والعنكبوت، والبعوضة والنملة، والكلب والحمار، والذئب والنعجة، والهدهد والغراب، والضفدع والبقرة، والقردة والخنازير وغيرها من البهائم وضرب بها الأمثال في القوّة والوَهَن، والذلة والصغار، والطيبة والخبث، والحماقة والجهل، وربما ذكر القرآن الكريم للحيوان الواحد طبعيْن من الطباع، ونوعين من الأنواع، كما ضرب المَثَل بالكلب النبّاح في تشبيه المنسلخ عن آياته من بني إسرائيل فقال سبحانه وتعالى:
” فمَثَلُه كَمثَل الكلب، إنْ تحمِلْ عليه يلهثْ أو تتركه يلهث”
وفي موضع آخر ذكر الله – تبارك وتعالى – الكلبَ غيرَ النبّاح وهو الكلب المهيب العضّاض فقال سبحانه:
“وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد، لو اطلعتَ عليهم لولّيتَ منهم فراراً”
فالأولى أن يُقال: ما فائدة ضرب الأمثلة بالبهيمة العجماء؟ ولماذا ذكرت في القرآن الكريم.
الجواب: لأنّ الله تبارك وتعالى خلق الطبيعة بنواميس وقوانين ثابتة أو شبه ثابتة [ التفصيل في موضع لاحق إن شاء الله] . فالبهيمة العجماء قد يكون لها مخّ وإرادة واختيار لكن الغلبة لِما خلقه الله فيها من غرائز، فهي التي تحكم خُلُق الحيوان وتصرّفاته.
ولذلك كان ضرب المَثَل بطبع من طباع البهائم أمراً يسهل استحضاره في كل زمان ومكان ، والمَثَلُ من شأنه أن يقرّب المراد ويجلّي الغوامض فيصبح المعنى معقولاً مفهوماً على أتمّ وجه ، وإن كان التمدّد العمراني والسطوة البشرية قد صرفت الناس عن تأمّل طبيعة المخلوقات الأرضية بعد أنْ حُشرت الوحوش والطيور في الحدائق !
وهنالك تفسير أدق ليس هذا مجال تفصيله لئلا نبتعد عن قصة خنزير داعش…
فللحديث بقية