ما المانع من الجهاد لنصرة الإسلام والمسلمين؟

من عجائب قصص التاريخ الإسلامي ما جرى سنة 620 هـ كان ملك “الكُرج” النصراني يغير على بلاد المسلمين في أذربيجان فينهب ويقتل، وكان على أذربيجان ملك مسلم مجاهد هو أبو بكر بن البُهلوان يذب عن المسلمين ويدفع الشر والأذى عنهم حتى ابتلي بشرب الخمر واللعب وما جانسهما ولما علم أنه غير قادر على الخروج من دوّامة الخمر والنساء تقدم بطلب زواج ابنة ملك الكُرج لينغمس معهم فيما حرّم الله، قال المؤرخ ابن الأثير وهو يصف هذه السياسة الغريبة: “ولم يكن عنده من الحميّة والأنفة من هذه المناحِس ما يترك ما هو مُصرٌّ عليه وأنه لا يقدر على الذب عن البلاد بالسيف عدل إلى الذب عنها بأيرِهِ فخطب ابنة ملكهم فتزوجها فكفّ الكُرج عن النهب والإغارة والقتال فكان كما قيل:


“أغمَد سيفَهُ وسلَّ أيْرَهُ”

[كتاب تاريخ الكامل 10/ 238 ونقل هذا الكلام الحافظ ابن كثير في تاريخه].

لما غزا السوفييت أفغانستان وكتب الشيخ عبد الله عزام فتواه الشهيرة “الدفاع عن أرضي المسلمين أهم فروض الأعيان” وصادق عليها الشيخ ابن باز وعامة المشايخ أيام الحج سنة 1404 هـ انتدب عشرات الآلاف من المسلمين لنصرة إخوانهم المستضعفين الأفغان، وكنتُ ولله الحمد واحداً منهم فهاجروا وجاهدوا وانتصروا بفضل الله تعالى حتى خرج الروس صاغرين مدحورين ولم تلبث أن تفككت امبراطوريتهم أكبر امبراطورية في التاريخ الإنساني.

لكن النفير إلى الجهاد في أرض الحرمين استُبدل على طريقة ابن البُهلوان – للأسف – بالنفير إلى المهرجانات والرقص واللعب، والأموال التي كانت تدفع لنصر المستضعفين أصحبت تدفع لنجوم الكرة والغناء …

دعوكم من هذا وتعالوا لنتأمّل معاً حال الصراعات البشرية في العصر الحديث أي  بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى معسكرين شرقي اشتراكي بقيادة الروس، وغربي رأسمالي بقيادة الأمريكان، وبروز ما يُعرف بعصر الحرب الباردة والحروب بالوكالة لتجنب المواجهة النووية الشاملة وكان ذلك بالتزامن مع أفول عصر الاستعمار الأوروبي فكانت أغلب الدول والشعوب المسلمة وغير المسلمة  تنزع إلى الحرية والاستقلال، في بداية تلك الفترة كان أغلب وكلاء الحروب الباردة من كلا الطرفين لديهم قضايا ومطالب محسوسة ومعقولة من أجلها يجاهدون فيَقتلون ويُقتَلون وخُذ على ذلك مَثَلا الزعيم الأسطوري “تشي جيفارا” فنحن وإن كنا نعتقد أنه كافر قد هَلَك على غير ملة الإسلام ولكننا نقر بكونه مقاتلا من أجل قضية فكرية وسياسية كان يؤمن بها ويناضل من أجلها، لكن في خضم تلك الصراعات الإنسانية برز نوع جديد ورديء وخبيث من الوكلاء وهم “المرتزقة” [كلاب الحرب] وهي عبارة عن ميلشيات مسلحة منفصلة شكلياً عن الدولة الموظِّفة وجيشها توكل إليها الأعمال القذرة التي لا ترغب القوى المشغّلة في تحمل تبعاتها القانونية على مبدأ “العجماء جُرحها جُبار”، ومن العجيب أن فرنسا التي صدّعت العالم بالحديث عن الحرية والعدالة والقانون وحقوق الانسان كانت هي الرائدة في ابتداع هذا النوع التوكيلات ومن أشهر وكلائها المرتزق الفرنسي “جيلبرت بورغود” الملقب بـ”بوب دينار” كانت لديه مليشيا من المرتزقة على شاكلة فاغنر فعاث فساداً في القارة الإفريقية منذ ستينات القرن الماضي وتورّط بوب في عشرات الانقلابات والتدخلات العسكرية وجرائم القتل والنهب والسلب كان أشهرها قلب طاولة الانقلاب العسكري في جزر القمر.

فكان من الطبيعي أن ينحو الرئيس بوتين نحو فرنسا فيلعب لعبة كلاب الحرب   بصبغة شرقية من فصيلة “البيتبول”.

يعني اللعب القذر جارٍ به العمل حتى يومنا هذا،  “فاغنر” تنقز من بلد إلى بلد ومن حدود إلى حدود  ومجلس الأمن والمجتمع الدولي صمُّ بُكمٌ عميٌ.

السؤال: ما المانع – إذاً – في أن يكون للمسلمين “السُنّة” جماعةٌ مستقلة لنصرة المسلمين؟ ليسوا كلاباً ولا مرتزقة ولا يُقاتلون لنصرة الظالمين المعتدين بل لنصرة المظلومين المستضعفين الذين انشغل عنهم الناس باللهو واللعب ؟

 ألم يقل ربنا سبحانه وتعالى:

“وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر”

هل تعلمون ما تعني:

“فعليكم النصر”

ستقولون لي أكمل الآية

 “إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق”.

الجواب: أنا لا أتكلم عن الذي بينه وبينهم ميثاق أنا أتكلم جماعة ليس بينها وبين الظالمين المعتدين ميثاق، كما فعل أبو بصير وأبو جندل عند فك الارتباط السياسي بالدولة النبوية.

ما المانع ؟

وفين كانت تكلمة آيات الرحمن عندما أفتى الشيخ ابن باز – رحمه الله – بوجوب نصرة الأفغان ؟

نسخة للطبع نسخة للطبع