من أين يأتي الإرهاب ؟

قديماً كان المُفكّرون والمحلّلون يتساءلون من أين يأتي الإرهاب وما هي البيئة الخصبة لنموه ؟

هل يأتي من الطبقات الاجتماعية الغنيّة والوسطى ؟

أم يأتي من الطبقات المُهمّشة حيثُ ينتشر الفقر والجهل ؟

وبالطبع كان أنموذج “ابن لادن” السعودي المثقّف الثري حاضراً على الدوام عند مناقشة هذا الموضوع، ولذلك خلص كثير من المفكّرين إلى الإقرار بوجود أزمة حقيقية؛ سياسية واجتماعية واقتصاديّة أدّت إلى بروز ما يُعرف بالإرهاب الإسلامي، كما أقرّ كثير من المفكرين الغرب بأنّ لدى المتطرفين مظالمَ مشروعة أو بعضَ المظالم المشروعة بغض النظر عن السُبل الإرهابية غير المشروعة في المطالبة بتلك المظالم، وعلى ضوء ذلك تعالت الأصوات المطالبة بضرورة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط.


لكن مع تطوّر الفكر التكفيري الجهادي وظهور حركة داعش برزت إلى الساحة إنتاجات فكرية شاذّة بِمرّة، وأفكار أيديولوجية خارج نطاق المعقول والمنقول لا يقبلها إلا مختل عقليّاً أو نفسيّاً، أو كاره للحياة يتعجّل قيام الساعة وفناء الدنيا بما فيها على طريقة شمشون الجبّار “عليَّ وعلى أعدائي” ! أو كما قيل في النسخة الإسلامية كما في  حادثة ابن الزبير والأشتر :

“اقتلوني ومالِكاً    واقتلوا مالِكاً معي”

وعليه فإنّ البحث في الجيل الرابع من الإرهاب لم يعد يقتصر على النظر إنْ كان المشكوك فيه من الطبقة الغنية أو الوسطى أم من الطبقة الفقيرة بل يجب البحث أولاً في سيرته وملفّاته الطبية والأسرية.

هل هو سويٌّ بكامل قواه العقلية والنفسية ؟

أم هو مريض مكتئب أو معتوه مختلّ العقل ؟

ولو أن المخابرات الفرنسية – كما ذكرنا في المقال السابق – نجحت في تحليل صفة الجيل الرابع من الإرهاب لأدركت أن التركيز على مُدمني المخدّرات وأصحاب السوابق المرضية النفسية والعقلية، والفاشلين العاطلين عن العمل ، وأصحاب الفِكاك الأسري أولى بالرصد من المسلمين الأسوياء العقلاء الأبرياء !

الجيل الرابع من الإرهاب الإسلامي يختلف كليّاً عن جيل الاستاذ سيّد قطب والتنظيم السري وأقرانهم من الأتقياء الأنقياء على ما فيهم من غلوّ وانحراف.

ويختلف عن جيل الشيخ عمر عبد الرحمن وأيمن الظواهري وابن لادن وأقرانهم.

بل يختلف عن جيل الذبّاح الزرقاوي وأبي أنس الشامي والمهاجر ونحوهم من حَمَلة القرآن، أولئك الأولون كانت لهم سيّئاتٌ وتجاوزات شرعيّة وفيهم غلوّ لا يخفى، وكانت لهم – مع ذلك – حَسَناتٌ ونصيبٌ من الأدب والورع والأخلاق حملوها بالطبع والتطبّع، ولذلك كنّا نضطر عند انتقادهم في السابق إلى التذكير بالأحاديث النبوية الواردة في شأن الخوارج وما جاء في حُسن صلاتهم وصيامهم، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إنّ أخوف ما أخاف على أمتي رجلٌ حَمَل القرآن حتى إذا رُئيت بهجته عليه، وكان رِدْئاً للإسلام غَيَّرَهُ إلى ما شاء الله فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى إلى جاره بالسيف ورماهُ بالشرك.

قالوا : يا نبيَّ الله أيّهما أولى بالشِّرك؛ المَرْمي أم الرامي ؟

قال : بل الرامي “

[رواه ابن حبان في الصحيح والحاكم وصححه وقال الحافظ ابن كثير: إسناده جيّد]

إننا اليوم أمام نسخة جديدة …

نحن أمام تطبيقات J4

جيل إرهابي بئيس مكتئب متعجّل مختلّ عقليّاً ونفسيّاً …

جيل يأمر فيه العدناني بأن يُخيف الجارُ جارَه بقفزة يرميه فيها بحجرٍ في عقر داره. 

جيل أعياهُ الإدمانُ على المخدّرات فلم يتحمّل الصبر على تناول أدوية المهدّئات “إنها لحياة طويلة”.

جيل يستجيب بسرعة الضوء لنداء الناطق الرسمي باسم الخلافة فتعجز كل رادارات الرصد عن كشفه…

الخلاص عندهم في النَّقز من البار إلى الجار

ومنه إلى أحضان الحور العين

نسخة للطبع نسخة للطبع