هل تجوز عضوية غير المسلم في البرلمان ؟

 قال لي أحد غلاة الفكر التكفيري: “إنّ ما يعرف بمجلس الأمة أو مجلس الشورى أو مجلس النوّاب في العالم الإسلامي هي كلها مجالس كفرية شركية ليس ذلك لكونها بدعة غربية بل هي باطلة من الأساس لأنها تجيز عضوية النوّاب من غير المسلمين”، وبعد المجادلة أحالني الشاب الغاضب إلى تسجيل صوتي يتضمن فتوى بصوت الشيخ الألباني – رحمه الله – سئل فيها عن حكم مشاركة غير المسلمين في مجالس الشورى فأنكره  محتجّاً بإنكار الخليفة عمر بن الخطاب على أبي موسى الأشعري لاتخاذه كاتباً نصرانياً، وهي حادثة تاريخية شهيرة تقدّم ذكرها.

     الفتوى قديمة وموجزة غير واضحة المعالم؛ لا أدري إنْ كان الشيخ رحمه الله تكلّم فيها عن حالة خاصة أم عامة؟ وما يهمّني هنا أنّ الشاب الغاضب أخذ تلك الفتوى فأسقطها على البرلمان المصري.

   لنستمع – أولاً – إلى كلمة الشيخ الألباني رحمه الله :

 قبل التعليق أذكّركم بما تقدّم من تعليل الحادثة التاريخية الشهيرة التي احتج بها الشيخ رحمه الله، فقد بيّنتُ في مقال سابق وجه الإنكار على أبي موسى الأشعري، ووجه الاحتجاج بقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم”، وملخّصه أنّ الدولة الإسلامية في عصر الخليفة عمر بن الخطاب كانت في حالة حرب دينية مع امبراطورية الروم، وذلك يعني أنّ الاستعانة بالنصراني الأجنبي ليتولى منصب كاتب الديوان “إرشيف أسرار الدولة” في ذلك الوقت وفي ذلك الظرف قد يؤدي إلى خرق أمني كبير جداً، فذاك إجراء احترازي مفهوم ومعقول واحتجاج عمر بالآية مستقيم وفي محلّه.

لكن يجب أن يعلم من لا يعلم أنّ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له رأيٌ آخر في أهلِ الأرض من القبط النصارى الذين ظاهروا المسلمين على الروم فكانوا للمسلمين عَوْناً في دحر الروم من حصن الاسكندرية ..

فهذا أوان نشر البقيّة من الحكاية المطويّة لتذوق الحلوة والمُرة، فاصبر حتى يفتح الله، وهو خير الفاتحين ..

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً

               ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ


ويأتيكَ بالأنباءِ مَنْ لَمْ تَبعْ له

          بَتاتاً ولم تَضْرِبْ له وقتَ مَوْعدِ

لَــــعَمْرُكَ ما الأيامُ إلا مَعارَةٌ

            فما اسْطَعْتَ من معروفها فتَزَوّدِ

[من روائع معلقة طرفة بن العبد]

نسخة للطبع نسخة للطبع