ثم أدخل الملك عبد العزيز – رحمه الله – الهاتف السلكي ” التليفون ” إلى بلاد الحرمين بعد أن نقل معسكره من الزاهر قرب مكة إلى حداء وكانت المسافة بينهما تقطع في أربع ساعات ذهاباً وأربع إياباً على البغال والجمال ، وكان الملك في حاجة لاتصال سريع بين المعسكرين لإدارة شؤون الدولة فهاجت ثائرة المتشدّدين وقالوا :
هذا من عمل الشيطان ! هذا مُنكر
ثم شرعوا في تقطيع أسلاك الهواتف السلكية وتخريبها فأرغم الملك رحمه الله مُكرهاً على ترك الهاتف مؤقتاً لإخماد الفتنة وإرضاء الخواطر …
ثم أدخل بعد ذلك ما يُعرف بالتلغراف اللاسلكي ، لأنّ أسلاك الهاتف السلكي كما تقدّم كانت تثير المتديّنين فيجاهدون بتقطيعها وتخريبها ..
والتلغراف ينقل الأخبار بسرعة جبّارة كلمح البصر أو كالبرق الخاطف …
فسمّيت الرسالة المرسلة بالتلغراف بالبرقية …
فكان عمّال الملك يبرقون إليه ويُبرق إليهم …
فقال بعض المتشدّدين :
هذا أَنكَر ، هذا أكبر … هذا تسخير للجن ..
وكان بعضهم يعتقد بوجوب تطهير المدينة المنورة من النفوذ الأجنبي ، ولا يؤمن ذلك الجنّي المستورد من بلاد النصارى ..
فاضطر الملك عبد العزيز على مضض إلى إغلاق مقر التلغراف اللاسلكي في المدينة المنورة سنة 1926 م .