يظن من لا علم له بالتاريخ أن هتلر هو أول من وظّف البروباجندا لتلميع صورته وتشويه صورة أعدائه بسياسة ممنهجة أفرد لها وزارة خاصة بقيادة الساحر الدجال “باول جوزيف جوبلز” سمّاها وزارة الدعاية !
لكن هل تعلم أن بابوات الكنيسة في قديم الزمان في القرون الوسطى كانوا أبرع من هتلر في الدعاية الكاذبة إذ قاموا بتوظيف فن الرسم لتثوير الأوروبيين وشيطنة الإسلام والمسلمين خلال الحملات الصليبية، وكانت تلك اللوحات الفنية الباهرة تُعرض على الملوك والجنرالات والمقاتلين قبل الإبحار للجهاد في سبيل الصليب وقتال المهرطقين، ولما فتح المسلمون المجاهدون بقيادة السلطان صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس وحرّروا القدس جنّ جنون الكنيسة الأوروبية فخرج الرهبان والقساوسة والفرسان هنالك في مسيرة دعائية لبسوا فيها السواد وأظهروا الحزن ودخلوا بلاد الفرنج [فرنسا] وطافوا بأهلها يستنجدونهم ويحثونهم على الأخذ بثأر القدس وصوّروا المسيح – عليه السلام – وجعلوه مع صورة رجل عربي يضربُهُ وجعلوا الدماء على صورة المسيح – عليه السلام – وقالوا لهم : هذا المسيح يضربه محمدٌ نبي المسلمين وقد جرحه وقتله [انظر كتاب الكامل في التاريخ للحافظ ابن الأثير ج 10 / صفحة 69] .
الأوروبيّون من قديم الزمان كانوا يتقنون فن الرسم ….
فلعلك تتخيّل حجم التأثير والتهييج العاطفي لتلك اللوحات الفنيّة الممزوجة بالإفك والبُهتان …
لا تعجب – إذاً – مما ذكره المؤرخون عن نتائج تلك الحملة الدعائية، لقد أنتجت حملة عسكرية في الاتجاه المعاكس تطوّع فيها هذه المرة مقاتلون من الرجال والنساء في جمعٍ لا يُعد ولا يُحصى، ومن الأموال ما لا يفنى على كثرة الإنفاق في السنين الكثيرة [على حد وصف المؤرخ المعاصر لتلك الأحداث الوزير ابن الأثير].
يُقال في المثل: “حبل الكذب قصير” !
لكن في الزمان الأول، في عصر الجهل والظلمات امتدت تلك الكذبة لأكثر من 130 عاماً حتى انكشفت حيلة الماكر فانقلب السحر على ساحر حين طالب قائد الحملة الصليبية السادسة الإمبراطور “فريدريك الثاني” بالوقوف شخصياً على كتب المسلمين وقراءة ما يقوله قرآنهم ليكتشف أن القرآن الكريم يقدّس المسيح وأمّه الصدّيقة مريم – عليهما السلام – وليعلم من الواقع القريب أن المسلمين لا يصدّون المسيحيين عن الحج إلى كنيسة القيامة، فصالح فريدريك المسلمين ورجع بأسطوله فرماه البابا بتهمة القرصنة [وكانت التهمة الكلاسيكية قبل ابتداع تهمة الإرهاب] فقاتله الإمبراطور فغلبه، ودمر الأسطول البابوي فأغرقه، ثم حشره في زاوية فأرغمه على مباركته والتصديق على معاهدة الصلح مع المسلمين.
فما أشبه اليوم بالبارحة لولا قنوات البث الفضائي ووسائل التواصل الاجتماعي التي عجّلت من فضح أكذوبة الدعاية الإسرائيلية الزائفة والتي سعت إلى شيطنة حماس وطبعها بالختم الداعشي، واتهامها بتعمّد قتل الأطفال واغتصاب النساء يوم الطوفان.
ولا – واللهِ – لا حماس ولا القاعدة ولا الدولة الإسلامية [داعش] فعلت شيئاً من ذلك المنكر المحرّم في الإسلام بالنصوص القرآنية والنبوية المتواترة وإجماع فقهاء المسلمين.
أنا لا أخاطب في مقالتي هذه المسلمين فقط، بل أخاطب كل إنسان عاقل منصف يطلب الحقّ والحقيقة.
اعلموا أيها الناس أن الإسلام يحرم الزنا وهؤلاء المتدينون أبعد الخلق عن الفاحشة .
وأما السبي واستحلال الفرج بملك اليمين وهو مشروع في دين اليهود والكتاب المقدس عندهم فله عندنا في الإسلام شروط وأحكام كثيرة – لا تركب على الكذبة الإسرائيلية – كاشتراط قسمة الإمام واستبراء الرِحم بالحيض وغير ذلك، وكذلك تعمّد قتل الأطفال هو محرّم في الإسلام بالنصوص المتواترة منها ما روي في الصحاح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال:
“اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلّوا، ولا تغدروا، وتمثلوا، ولا تقتلوا وليداً”
قال الإمام النووي في شرح الصحيح:
“في هذه الكلمات من الحديث فوائد مُجمع عليها [يعني أجمع فقهاء الإسلام عليها] وهي: تحريم الغدر، وتحريم الغلول، وتحريم قتل الصبيان إذا لم يُقاتلوا، وكراهية المُثلة”.
ولذلك عنوتُ المقالة بصيغة الجمع فلم أقل “أنا” بل قلت “نحن” أعني نحن المسلمين لأن هذا مما أجمع عليه المسلمون.
وختاماً أقول: أنا لست من حماس، ولا أوافق حماساً على كثير من أفعالها واختياراتها السياسية، وأنا أدين تعمّد قتل الأطفال واغتصاب النساء إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً.
لكن الحمد لله طلعت مجرد كذبة صهيونية أخزى الله مفتريها.
والعالم شاهد ورأى على المباشر من يقتل الأطفال.